السبت، 23 سبتمبر 2017

دروس في القصة القصيرة "تعريف"

دروس في القصة القصيرة تعريف –نشأة – ملامح.
أولا ماهي القصة القصيرة ؟

ربما لا يوجد تعريف واضح ومحدد لذلك الفن المراوغ شديد التعقيد، شديد الجمال في 
آنواحد، ألا وهو القصة القصيرة... 
وإذا كان القص في اللغة العربية يعني تتبع الأثر، فإن القصة القصيرة تعني
 أيمًا اعتناء بتتبع أثر لحظات إنسانية حياتية شديدة الأهمية منتقاة من صميم الذات 
وتفاعلها مع كل ما هو محيط بها. 
والقص في جوهره وجهة نظر ذاتية وموقف من الحياة، والقص كظاهرة إنسانية
نشاط ينشأ بالضرورة ويتطور منذ طفولة الإنسان، وهي كظاهرة قد وجدت منذ وجدت
المجتمعات الإنسانية المبكرة لتلبي حاجات نفسية واجتماعية، ورغم اختلاف الكتاب
والنقاد حول وضع تعريف ما للقصة القصيرة فإنهم تلاقوا على أنها "نص أدبي نثري
تناول بالسرد حدثًا وقع أو يمكن أن يقع"، أو هي "حكاية خيالية لها معنى، ممتعة بحيث
تجذب انتباه القارئ، وعميقة بحيث تعبر عن الطبيعة البشرية". 
لكن طبيعة القصة القصيرة أنها مثل الفن عمومًا، لا تخضع للتعريفات الشاملة المستقرة،
 حيث إنها ليست مجرد قصة تقع في صفحات قلائل، بل هي لون من ألوان الأدب
الحديث الذي نشأ أواخر القرن التاسع عشر -بماهيته المتعارف عليها الآن، دون الالتفات
للتجارب البدائية سواء عربيًّا أو غربيًّا- وهذا اللون له خصائص ومميزات شكلية معينة،
وفي النصف الثاني من القرن التاسع عشر، قال "موباسان": "إن هناك لحظات عابرة
 منفصلة في الحياة، لا يصلح لها إلا القصة القصيرة لأنها عندما تصور حدثًا معينًا لا يهتم
 الكاتب بما قبله أو بما بعده"، وربما كان هذا هو أهم اكتشاف أدبي في العصر الحديث؛
لأنه يلائم روح هذا العصر، حيث إنه الوسيلة الطبيعية للتعبير عن الواقعية التي لا تهتم
بشيء أكثر من اهتمامها باستكشاف الحقائق من الأمور الصغيرة العادية والمألوفة. 

والقصة القصيرة تروي خبرًا، وليس كل خبر قصة قصيرة ما لم تتوافر فيه خصائص 
معينة..أولها أن يكون له أثر ومعنى كلي، أي تتصل تفاصيله وأجزاؤه بعضها ببعض،
بحيث يكون لمجموعها أثرًا، كما يجب أن يكون للخبر بداية ووسط ونهاية، حتى 
يكون هناكما يسمى بالحدث. 

ولقد افترض الكاتب الأمريكي إدجار ألان بو محددا للقصة القصيرة عندما قال: "إنها
عمل روائي يستدعي لقراءته المتأنية نصف ساعة أو ساعتين"، وربما كان ما يسعى
لتعريفه هو "أنها يجب أن تقرأ في جلسة واحدة". 

لكن يبدو التعريف الأشمل هو الذي يطرحه د. الطاهر مكي – الناقد الأدبي هو أنها:
حكاية أدبية – قصيرة، وبسيطة الخطة- تحكي حدثًا محددًا طبقًا لنظرة رمزية -الشخوص
 فيها غير نامية- تُوجِز في لحظات أحداثًا جسامًا معتمدة على مبدأ التكثيف فكرًا ولغة
وشعورًا مما يمكنها من النجاح في نقل دفعة شعورية فائرة. 

وعرفها "كالدويل" و"تشيخوف" و"كاترين آن" وغيرهم تعريفاتٍ أخرى متأنية ومتضادة،
وبهذا يتضح أن هناك اختلافًا شديدًا في الوقوف على تعريف للقصة القصيرة، وربما
تكون هذه هي طبيعية الفن عمومًا، حيث يسلبه التعريف القسري المقياسي روعته
 وبهائه. 

0 التعليقات:

إرسال تعليق